رحيل وردة
هذه الصورة التقطت في ليلة ٢٧ فبراير/٢٠٢٠، أوروبا
رحيل وردة
عندما كنت طفلة كان يوجد زهرة نائمة في بستاني .. وحيدة و لا تتكاثر ، زرعتها بين أحشاء قلبي ..
كانت جميلة للغاية ، كنت أسقِها في كل لحظة حُباً ً و عطفاً و حناناً ، و أحرِص على راحتها ، و أحسب دقائق موسم تفتُّحها و إستيقاظها كباقيالأزهار و الورود التي أجدها في بساتينٍ عدة ، و في اللحظة التي تفتحت فيها أوراقها بدأت القصة ..
كنت في ذلك اليوم على فراش الموت و وجهي يقابل السماء ،و روحي توشك على الرحيل ببطء و تلفظ أنفاسها الأخيرة ، إلا أنني رأيتُ انعكاس قمراًعلى أوراق وردتي في وضح النهار ، و شمسٍ تشرق من بين ثناياها ؛ و كأن آية ولوج الليل في النهار و النهار في الليل تحدثان في نفس اللحظة .
كان جمالها أخّاذ يشع أمام عينيّ .. أبتسمت إبتسامة موت و حياة حين رأيتُها .. أقتربت منها بلطف ، و أستنشقت رحيقها بعمق ، فتأجل قدر الرب وأستقرت الروح في جسدي .
يالها من لحظات لا تُنسى لا زلت أتذكر رائحتها حتى هذه اللحظة !! لكن سرعان ما لبثت لتتحول تلك اللحظات الى مأساة !!.
حيث أتى وحش كبير جداً يباغتني .. أنتزع هذه الوردة من قلبي بكل عنفوان و قسوة .. تاركاً قلبي خاوياً ينزف و كأنما أقتطع منه شرايين و أوردةكانت جذوراً لها .. ثم رحل !! .
كنت أصرخ .. أصرخ .. "وردتي وردتي" و أبكي، لكن بلا جدوى .. لم يكن يسمعني أحد، كنت أستغرب لمَِ لم يسمعني أحد !! ، و أكتشفت بعدهابأنني من هول الصدمة كنت أصرخ باللا صوت !! خرساء لا أنطق ، ثم تسائلتُ لمَِ لم يلمح دموعي أحد؟! و أدركت أيضاً حينها أنه قلبي الذي كانيبكي من شدة الألم .. و بكاء قلبي غير مرئي .. فقدت صوتي و فقدت نظري كمن تأسف لفقدان نبيٌ إسمه يوسف و أبيضت عيناه حزناً و كان كظيم !
ياله من حزن شديد رافقني حتى هذه اللحظة " هي نصف روح باقية .. كل الجمال أعيشهُ بالنصف روح .. لا شيء يقوى على إنتزاع الروح أو أجزاءمنها سوى الرحيل " .
لقد كانت و لا زالت من أقسى قصص الرحيل التي عاصرتها في حياتي ..
د.سمر الفلاحي
جمعتك مباركه
ردحذفالاشقر عليك جميل
الله يرزقك بعدلك الذي يقدرك ويريح سريرتك
أزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذفأزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذف